خبرة سياسيّة فائقة ونظافة يد مثاليّة ووطنيّته لا مشروطة. بقلم خالد بن يوسف
سمعت الكثير عن الخصال العديدة التي يتمتّع بها السيّد عبد الكريم الزبيدي أحد المترشّحين البارزين للانتخابات الرئاسيّة المقبلة. ولكن بالرغم من هذه الخصال التي قلّ ما نجدها عند بقيّة السياسيّن، فإنّ خصوم هذا الرجل لم يجدوا سبيلا للتقليل من شأنه إلاّ بالتركيز على الجانب الاتّصالي له زاعمين بكثير من المبالغة أنّ أسلوبه الخطابي (الضعيف حسب قولهم) وافتقاده للفصاحة اللاّزمة سيمثّلان عائقا كبيرا أمامه عند ممارسة مهامّه في صورة انتخابه رئيسا للجمهوريّة.
في هذا الشأن، أريد أن أبيّن أنّ التركيز على الزبيدي في حدّ ذاته يعتبر أمر مفهوم جدّا بما أنّ هذا الأخير يمثّل خطرا حقيقيّا على بقيّة المترشّحين باعتبار أنّ نتائج سبر الآراء تضعه دائما في المرتبة الأولى أو الثانية على أقصى تقدير بفارق شاسع عن الخصوم الذين هم بصدد استهدافه. وحتّى تعمّد المبالغة في ما تمّ ذكره مفهوم أيضا، لأنّ الإنسان لمّا يعجز عن إيجاد عيوب واضحة وجليّة للقدح في خصم تتوفّر فيه كلّ شروط النجاح، يلجأ إلى التشبّث بالتفاهات ومحاولة التركيز عليها بالتضخيم والمبالغة لحدّ جعلها قضيّة محوريّة في غاية من الأهمّيّة، وهو يعلم في قرارة نفسه أنّه بصدد المغالطة نفسه والآخرين، لاغير. لكن هذه المحاولات اليائسة لن تقلّل من شأن السيّد عبد الكريم الزبيدي الذي أثبت أنّ خطابه السياسي متّزن ومحترم للغاية ويعكس رصانته المعهودة. فالزبيدي كما يراه النزهاء والموضوعيّين، لا يتكلّم لمجرّد الثرثرة والكذب والمغالطة بسائل من الكلام الخاوي والمجرّد من المعاني الهادفة. بل هو يفكّر بكلّ تروّ في كلّ كلمة ينطقها حتّى تؤدّي المعنى المقصود دون كذب ومغالطة. وإن عجز خصومه على تشويه صورة الزبيدي بما هو أهمّ بكثير ممّا يزعمون، فذلك لأنّهم لم يجدوا له عيوب تذكر ولأنّهم يعرفون أنّه يبقى الأفضل على الإطلاق من بين كلّ المتنافسين على الرئاسيّة. فهو يتمتّع بثقافة عالية و التي ستكون له بمثابة الحافز لمقاومة الفساد والفاسدين ومحاسبة الخونة والمجرمين.
وبالرغم من أنّي لا أعرف السيّد عبد الكريم الزبيدي بصفة شخصيّة، فإنّي عرفت خصاله المتعدّدة عن طريق الأستاذ عبد الوهّاب بوحديبة لمّا كان على رأس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة الذي اشتغلت به قرابة الـ35 سنة، ستّة عشر سنة منها مع الأستاذ بوحديبة. كنت مقرّبا جدّا، ولا أزال، من سي عبد الوهّاب، حفظه اللّه، وكان في كثير من الأحيان يحدّثني عن تجاربه الخاصّة، التي استفدت منها الكثير، وعن لقاءاته المتميّزة بالعلماء والمفكّرين اللّامعين والسيّاسيّن البارزين الذين التقى بهم وعرفهم من قرب. وأتذّكر في هذا السياق أنّه حدّثني بكلّ انبهار عن السيّد عبد الكريم الزبيدي وعن ذكائه الفائق و كفاءته العالية واصفا إيّاه برجل الدولة بامتياز. خصال التمسها منه لمّا التقى به في مكتبه خلال جلسة عمل جمعته به لمّا كان هذا الأخير كاتب دولة لدى الوزير الأوّل مكلّف بالبحث العلمي والتكنولوجيا من سنة 1999 إلى سنة 2000. وبحكم معرفتي الجيّدة للأستاذ عبد الوهّاب بوحديبة الذي أكنّ له كلّ الاحترام والتقدير وأثق فيه وفي تقييمه للدكتور الزبيدي، لا يمكنني إلاّ أن أتبنّى هذا الرأي الموضوعي والمشرّف لشخص عبد الكريم الزبيدي الذي يكاد يكون المرشّح الوحيد، باستثناء البعض القليل، البعيد كلّ البعد عن التجاذبات السياسيّة والممارسات المقرفة والغادرة للأحزاب والسياسيّين الانتهازيّين. وعليه، أتمنّى له من كلّ قلبي الفوز في الانتخابات المقبلة للمساهمة في إخراج تونس من هذا الوضع المتردّي الذي تعيش فيه منذ قرابة التسع سنوات.
Répondre