قراءة نقدية لدور اتحاد الفنانين التشكيليين السلبي .2.par Naceur Bencheikh, samedi 10 octobre 2009, 18:48
وعلى هذا المستوى من التحليل واعتبارا لردود الفعل التي أثارها نشري للجزء الأول من هذا النص وجب عليّ توضيح مقصدي من ٳثارة موضوع اتحاد الرسّامين بتونس. وهو موضوع كنت أودّ التعرّض له منذ سنوات ومن قبل أن يقع تأسيس النقابة. والسّبب في اختياري للظرف الزمني الحالي لطرحه على بساط النقاش هو ما لاحظته من تغيير نوعي في التطرق لقضية ممارسة الفن التشكيلي في تونس بالنسبة لما كان عليه الأمر في الستّينات. فالقضية كنت طرحتها شخصيّا من وجهة نظر سوسيولوجية و اقتصادية في نفس الآن. وكنت و ما زلت أعتقد أّن هذه المقاربة ضرورية لتمكيننا من التعامل الناضج مع ممارسة ثقافية خصوصية مسقطة ٬ تعاملا يسمح لنا من تجاوز العوائق ذات الصبغة المفاهيمية التي تنتج عن الطبيعة المسقطة لممارسة « ثقافية ذات صبغة ترميزية» وقع توريدها أثناء الفترة الاستعمارية. و ما ألاحظه اليوم على الساحة أعتبره تكريسا شبه شامل للصيغة المستلبة التي تمارس من خلالها الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بالإنتاج الرمزي الذي يمثله الإبداع التشكيلي. فالاستلاب والشكلانية تتصف بهما السوق الفنية الناشئة وجل الممارسات الفردية والجماعية المتواجدة على أرض الواقع وكذالك الخطاب النقدي الإعلامي الذي يقوم بالوساطة المفترضة بين المنتج والمستهلك.
هذه الملاحظات قمت باستنتاجها منذ اثنين و ثلاثين سنة من خلال دراسة مركزة لواقع الممارسة التشكيلية بالمغرب العربي انطلقت فيها من تحليل الظروف الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بالإنتاج الرمزي التشكيلي بكل من تونس و الجزائر و المغرب وهي الدراسة التي قمت بتحيينها و نشرتها في شكل كتابي الأول الصادر بباريس سنة 2006.
و إلى جانب هذا البحث الأكاديمي الذي قمت به كتبت في نفس فترة السبعينات من القرن الماضي الكثير من المقالات على أعمدة الصحف والمجلات بتونس و المغرب تناولت فيها نفس القضية.
كما أني أشير٬ خلافا لما وقع فهمه من طرف عمر الغدامسي٬ إلى أن رفضي لبيع أعمالي سنة 77 لم يكن تشكيليا٬ يبتغى منه البحث عن التفرد بموقف إبداعي مثل ما ذهب إليه الزميل الذي اكتفى في التعليق عليه بذكر اسم شخص يبدو وأنه أعاد ما قمت به بعد ثلاثين سنة. موقفي كان ذي بعد احتجاجي أردت أن يفهم بأنه بمثابة الإضراب الشخصي عن البيع وقد وقع التفاعل معه بهذا المعنى من طرف رئيس لجنة الاقتناءات.
و قد نزّلت إضرابي الشخصي عن البيع في نفس الخانة الاحتجاجية التي نزّّلت فيها٬ في نفس الفترة٬ التجميد المتعمد والمبرمج لنشاط اتحاد الفنانين التشكيليين انطلاقا من يوم انتخابي في خطة كتابته العامة.
و انطلاقا من هذا التوضيح أودّ أن يفهم البعض ممن يشتمّ من ردود الفعل التي صدرت عنهم أنهم يدافعون عن مواقع مكتسبة أني لا أقصد من وراء ما أنا مثير له من نقاش حول اتحاد الفنانين التشكيليين إلا الدفاع عما أعتبره حقي الشرعي في مناقشة الدور الذي يمكن لتنظيم مهني ذي صبغة جمعياتية أن يقوم به لفائدة الثقافة التونسيبة.
Répondre