إلى ولي أمري، رئيس الحكومة الإنتقالية المنتخب ، السيد حمادي الجبالي المحترم.
قرأت بكثير من الإهتمام تصريحاتكم الأخيرة على صفحات جريدة « لابريس » اليومية التونسية الناطقة بالفرنسية في عدد الاربعاء ٢٨ مارس و وشد انتباهي بالخصوص ما جاء فيها من تنصيص على أنكم على غرار الجنرال الجاهل قررتم أن تولوا اهتماما خاصا ب »سبع » ملفات تعتبرونها ذات أهمية قصوى موضحين أنكم ستتابعون انجازها عن كثب وهي بالنسبة إليكم « تشبه ما كان يسمى بالمشاريع الرئاسية ».
وهو ما جعلني أرى في هذا التذكير « الإيجابي ضمنيا » بممارسة تميز بها بن علي و تمثلت في شخصنة المشاريع الهامة التي تقوم بها الدولة بوضعها تحت « رعايته الموصولة » إقرارا من طرفكم بأن رئيس الحكومة المنتخبة يتخذ من السلف الصالح الجنرال الجاهل مثالا يشرع من خلاله الاحتكار الرمزي للعمل الحكومي معتبرا أن دوره كرئيس حكومة يتجاوز التنسيق بين ما يتكفل بتنفيذه أعضاء حكومة لهم من الكفاءة العلمية و الأخلاق العالية ما يغفر لهم عدم تمرسهم على تسيير دواليب الدولة. وأضفتم أن ذلك يمكن اكتسابه بالتجربة خلافا للأخلاق الحميدة و نظافة اليد التي يبدو و أن الله حبا بها أعضاء حكومتكم دون من سبقكم في مواقع القرار و التسيير التي شاء القدر أن تجدون انفسكم متربعين عليها
سيدي رئيس الحكومة المنتخبة و المؤقتة: قولكم بأن ما يميز الكفاءات التي تحيط بكم اليوم و تسهر على السير بالبلاد إلى إنجاز الغايات القصوى لثورتنا المباركة هو تحليها بالخلق الرفيع موضحين أن العمل السياسي الوطني و العالمي في حاجة إلى تثبيته في قيم أخلاقية تقي ممارسيه السقوط في غواية النفس الأمارة بالسوء مقولة لستم انتم أول من نادى بها في هذه الربوع. و أسمح لنفسي بالتذكير بأنه سبق لي و أن استمعت لوزير أول أسبق في حكومة بورقيبة يتحدث عن ضرورة إضفاء بعدا أخلاقيا على الممارسة السياسية ببلادنا في فترة كان البعض من وزرائكم من الفلاسفة المستشارين يتقربون إليه على أساس الافاق العروبية و الإسلاموية المشتركة
و لقد سنحت لي الظروف أن أكون شاهدا عن كثب على ما عرفته الساحة السياسية في الأيام الأولى التي تلت انقلاب الجنرال الجاهل و ها أنا استسمحكم بالإدلاء بشهادة أشهد الله علَيَ على أن ما أقوله هو عين الواقع. طُلِبَ مني ، بصفتي آخر مدير لأسبوعية الحزب الاشتراكي الدستوري الناطقة بالفرنسية، أياما معدودة بعد إيقاف إصدارها من طرف نظام بن علي، أن أساعد أستاذا شابا وقع تعيينه للإشراف على نشرية داخلية اختير لها من العناوين كلمة « الإنجاز » فكان مني أن سألت الزميل الشاب هل سبق له و أن انتمى للحزب الاشتراكي الدستوري من قبل ؟ فأجابني بلهجة متعالية : » لا يا سيد أنا نظيف ». و لم أعر اهتماما لهذا القدح المباشر في نظافتي كمناضل في مجال الصحافة الحزبية البورقيبية لآقتناعي العميق بأن كل من يشعر بالحاجة للإعلان عن رفعة أخلاقه، و معتبرا ذلك ما يتميز به عن غيره هو في الواقع يجيب عن اتهام لا واعي يوجهه لنفسه لما يعرفه عنها من نوايا مبيتة غايتها نقيض ما يدعيه و يتهم به غيره و لو كان محدثه. و شاءت الأقدار أن تعطيني فرصة تأكيد صحة إدعائي لما تابعت « المسيرة النضالية النظيفة جدا » لهذا الزميل الشاب و الذي قضى كل فترة التغيير المبارك يتقلب بين مختلف الوظائف الإدارية السامية من مستشار برئاسة الجمهورية إلى مدير ديوان الوزارة التي أنتمي إليها مرورا بإدارة مؤسسة جامعية معروفة. ولن يكون من الصعب عليكم، في الموقع الذي أنتم فيه، أن تتعرفوا عما كان يتصف به هذا الشخص الذي نفى عني صفة نظافة اليد بدعوى أني كنت من دستوريي حزب بورقيبة و هو من شباب التغيير.
ولقد حز في نفسي ، بعد صبري كأغلبية التونسيين على الضيم لمدة ٢٣ سنة، أن أقرأ لكم تصريحايذكرني ببدايات هذا الإنتهازي و الذي وقع « ترحيله »، بعد الثورة، من طرف أعوان وزارة تناوب على الإشراف عليها أشخاص عديدون لم يتجرأ أحد منهم على تنحيته من رئاسة ديوانه .
مع العلم و أني لا أعتقد بحتمية صحة ما أقول لأني أوافق كارل ماركس و مِثْله لا أقول بإمكانية إعادة التاريخ لنفسه
مع احترامي لمقامكم السامي و تمنياني لكم الصادقة بالنجاح و التوفيق لأن في نجاحكم نحاح لأمتنا التونسية و السلام عليكم و رحمة الله
Une réponse
ali
ما حز في نفسي كثيرا هو أن لا تجد ما تنقده به غير أنك بكل وقاحة تشبه رئيس الحكومة المناضل بالجنرال الجاهل وكأنك أسقطت عليه كل الصفات الخسيسة التي لحقته ولم تبق منها غير صفة الجهل وهذا لعمري مدح غير مقصود …. أردت ان أذكرك فقط بكم السنوات من عمر هذا الوطن التي ضاعت على أيديكم سواء كنتم بورقيبيين او تجمعيين وإن كان لا يوجد فرق واضح بين هذا وذاك فبن علي كان يمثل الشق المخابراتي لنظام بورقيبة المقبور وقد إنقلب على ولي نعمته ليس إلا… فكم كتبت على صفحات جريدة كنت تنتسب إليها وكانت تسوق للزور والبهتان وتسبح بحمد طاغية كان بامكانه أن يزيد سنوات وسنوات في التربع على جماجم هذا الشعب الأعزل لولا قدر الله الذي لم يرحمه وسنة الخرف التي أصابته حتى أصبح حديث كل عاقل واليوم تسمح لنفسك بأن تخرج في ثوب الناقد الحصيف بعد أن لفظتك الأيام رجائي أن تحتفظ بنصيحتك ومقارناتك الموبوءة لنفسك علها تصلح من حالك فتعتني بعيالك عوض الإلتفات إلى الشأن العام ودع حمادي الجبالي يسهر الليالي لحمايتك وحماية صغارك عندما يعودون من المدرسة وليوفر لك ما تأكله مما يقوم به صلبك ل