اسمع أيها الإنسان بدعا من الكلام و غريبا من المعاني. فٳني أقول :
لاحت بوادر التمني فسمت نحوها نواظر الافتقار وتهيأت صور المعنى تبدو فتقطعت عليها أكباد الأحرار٬ وأذعنت النفس الأبّاءة – على مداهنتها- تروم حيلة المشار إليه مستوفاة بقضايا الحس٬ والحس حاكم مرتش٬ وخابط خبط عشواء في ليل مدلهم. وإنما انخدع به من وزن حقائق مطالبه برأيه المتّهم و خاطره الكذوب. و قد طالت الشكيّة و دامت البلية و تضاعفت الرزية ٬ في تسلسل قول لا يبرز معناه من خلل حجبه (….)
هيهات ٬ زاغت الأبصار ٬ وبليت الخواطر ٬ وافتضحت السرائر٬ وانعكست الأوائل على الأواخر و غارت العين في منابعها وردّ القول في وجه القائل٬ وكسر التحصيل في نحر العاقل٬ و قيل للسامع : صمّ٬ لعلك تنجو٬ و للقائل: اخرس٬ فعساك تسمو٬ و للناظر:غمّض٬ فلعلك ترنو. فهذه أعلام الحق قد علت إلى مراتب التطويح٬ وصار مصير الفصل إلى رتبة الظن٬ و هجنة الكذب و سخافة الحال (….) كل ذالك من عشق الآفة و إيثار الزهرة و التعرض إلى لما لا يصفو بحيلة…
هذا لسان التصوف ٬ والتصوف معناه أكبر من اسمه و حقيقته أشرف من رسمه.
فأما قواعدي التي بنيت عليها أمري٬ وأركاني التي أسندت إليها شأني ٬ فأشياء لا يحويها شرح كتاب ولا يستغرقها بيان خطاب لأنها مشتبهة المناظر٬ متلونة البواطن والظواهر(….)
ثم حللت ساحة الرسوم متربعا على توفية العمل بقدر الوسع وبذل الجهد.
أبو حيان التوحيدي
« الٳشارات الإلاهية»
معتبرا أن مقام المبدعين من طينة التوحيدي قد يرقى إلى مرتبة الأنبياء و أن البعض من أقواله يتجاوز معناه زمن ٳنتاجه مؤيدا في ذلك ما كتبه ماركس حول اختراق مضمون الأعمال الفنية لتاريخيتها الموضوعية٬ قمت فيما بين شهري ديسمبر 1977 و جانفي 1978 بٳضاءة لوحاتي – أو ٲلواحي ٬ أو أحوالي – بهذه المقتطفات من الإشارات الٳلاهية . فما أشبه زمن ابي حيّان بزمننا.
Répondre