!إســــــــــــــــلام بورڤيبه هو الحــــــــــــل
إن النجاح الانتخابي النسبي الذي حققه حزب النهضة لا يمثل حسما ديمقراطيا للحوار حول إسلام التحرير و التنوير الذي يكتسي صبغة حضارية و ثقافية تتجاوز بكثير مسألة استعمال الدين لغاية الوصول الى سدة الحكم بطريقة سلمية
فأنا أهنئ نفسي بالنجاح السياسي الذي حققه الاسلاميون لأنهم بو صولهم الى مبتغاهم السياسي يحررون من حيث لا يقصدون الحوار حول الاسلام من الخلفية السياسوية التي كانت تعكر منهجية النقاش و تدخل عليه الكثير من التشنج.
و بسقوط قضية قراءتهم السياسوية للدين الاسلامي بربحها على صعيد السلطة السياسية يجد الاسلامويون أنفسهم مجبورون على أن يوسعوا المجال الدلالي لإسلامويتهم لكي ترقى الى مستوى ما يمثله الاسلام من نظرة خصوصية للوجود وهي مرتبة أعلى من اسلام التجنيد الفكري
و ذلك انه ما سيتطلب على الاسلامويين القيام به على الصعيد السياسي لا يمكنهم انجازه بمواصلة استعمال الدين كأداة تعمية متعمدة للبصائر و انما بالقبول الضروري بأن الاسلام تحرير و تنوير . لانه بقدر ما تحتاج استراتيجية الوصول الى السلطة لعملية تجنيد رواقي كلبي
cynique
للناخبين
بقدر ما يحتاج سوس شؤون البشر الى تنويرهم.
خاصة اذا وعينا بأن انتاج الواقع لا يقوم به رجال السياسة من الحكام ولكن أفراد المجتمع الذي يسوسونه. و شروط نجاح الحكام في مهامهم السياسية تختلف جذريا عن شروط نجاحهم في عملية الصعود الى سدة الحكم.
فالانتخابات القادمة لن تقوم على إشكاليات هوياتية او ضحياتية يطالب مظلوم ، من خلالها، الشعب بانصافه من الظلم الذي قاساه أتباعه سلطه عليهم دكتاتور ولى عهده بعد أن اطاحت بنظامه ثورة شعبية لم يكن لهم فيها دور يذكر. و في صورة مواصلة الحاكم الجديد الصاعد الى السلطة استعمال نفس الطرق التي أوصلته اليها سيكون مآله مآل كل الدكتاتوريين و نهايته نهاية القذافي و بأسرع مما يتصور لأن الشعب التونسي الذي ذاق طعم الحرية المسؤولة بقبوله الناضج لقوانين اللعبة الديمقراطية و بالاقدام المنظم و المكثف على ممارستها بتميز لن يسكت على الجور مهما كان مأتاه
و تفاؤلي العنيد يملي علي بأن أقول مرحبا بإسلام التحرير و التنوير و الابداع المنتج للخيرات و لمواطن الشغل و لثقافة اسلام القرن الواحد و العشرين التي سنباهي بها بين الأمم و نجعلها تبشيرا بالسعادة للناس أجمعين
غير أن تفاؤلي العنيد يجعلني أبين من باب الواقعية الحالمة أنه بعد ما صدر من تبشير بالخلافة الراشدة السادسة من طرف المهندس العلماوي الاسلاموي الجبالي و الذي لا يقلل التراجع عنه من مصداقيته بشيء و لا يخفي من فجاجته و فضاعته المذهلة ما جاء عن لسان سمير ديلو من تعتيم لاحق يجعلني أضيف أن إسلام التحرير و التنويرالذي أحتفي بقدومه ينتمي إلى عهد ما بعد النهضة و سيكون خيار ثورتنا بعد تجاوزها الحتمي لفترة الثورة المضادة و التي لن يكتب لها الدوام. وإن كان يوجد من المنظرين من يعتبر « الإسلاموية »نمطا من أنماط الحداثة المستلفة من الغرب و التي تعتمد على التباين الشكلي عن الغايات القصوى لهذا الأخير و المعلنة في خطاب اليمين الجديد المبشر بنهاية التاريخ بالاستتباب النهائي للسلم الأمريكية .
فإسلام التحرير و التنوير يمثل نمطا فكريا يعيد لمفهوم النهضة معناه الذي نحته الفكر الإصلاحي المغاربي والذي تتجنى عليه الإسلاموية الوهابية بانتحال تسميته و صفته التحريرية. وهو على هذا الأساس ينتمي بالضرورة لفترة ما بعد الحداثة مثل ما اعترف به من تصنيف لثورتنا التي لم تزل بعد في بداياتها. والفارق كبير بين تحديث الاسلام و أسلمة الحداثة
و ما يمكنني قوله لأصدقائي من مناضلي اليسار الذين أراهم يتأرجحون بين الداعي إلى النقد الذاتي واعتماد البراكماتيكية منهجا على غرار ما يقوم به الإسلامويون و بين مركز على الجدال العقيم المسكون بالخوف من الغول و الذي يتخذ من الأسطرة السلبية لنوايا الخوانجية ومن يحميهم من قوى عظمى حجابا يمنعهم من الوعي المسؤول بأن الثورة عمل إبداعي دؤوب طويل النفس يتطلب من كل تونسي غيور عن بلاده لا يرضى لشعبه بالذل و الهوان أن يؤكد كل يوم صدق الشعار الذي استبطنه شهداؤنا من الشباب والمتمثل في الإيمان العميق بأن لا خوف بعد اليوم . و حفاظ كل مثقف تونسي شريف على حرية تعبيره و اعتبار هذه الحرية جماعية أو لاتكون هو الضمان الوحيد لدرء كل الأخطار الموضوعية التي تحوم بثورتنا والمتأتية من فعل الاستعماريين الجدد من إخواننا في العروبة و الدين
Répondre