أمينة أمازيغية الأصول… وأمها زينب
أمينة نمت و تربت في قلب المدينة…. وأمـــــــــــها زينـــــــــــــــب.
وزينب رزقها الله من البنات ستة ومن الأولاد أربعة جميعهم درسوا بالمعاهد الثانوية و الجامعات و مروا في نفس الآن من خلف النُول الذي كان يتوسط البيت البربري بحي المعاريف في قلب مدينة البيضاء التي تعج بالبشر وتعيش على إيقاعات الحداثة.
و شاءت الأقدار واستوطنت أمينة على ضفاف الساحل الشرقي لجزيــــــــرة المغــــــــــرب….
أمينة بربريــــــــة الأصـــــــول… وأمها زينب. أبوها نزح شابا من قرية آيت أمغار بجبال الأطلس، غربي مراكش العاصمة، التي كانت ديار المغرب تدعى باسمها كما الجزائر و تونس و استقر بدار البيضاء وهي أكبر مدن المغرب الكبير. و تدعى هكذا نسبة إلى امرأة بربرية كانت غاية في الجمال وافتتنت بسيدي بليوط فأعادها إلى دين محمد.
و بعد حين تملكها الحنين.
وحنين المغربي للوطن شعور عميق لا يعادله إلا حُبُه للترحــــــال و السياحـــــــــة و التيــــــه في أرض الله و التمعن في الحكمة الربانية التي خلقت البشر شعوبا و قبائل ليتعارفــــــــــوا. الحنين لوطن تُثَبِت أرضَه أوتــــــادُ الأطــــــــلس الراسخة في حضارة المتوسط شرقـــــــا، والمطلة على المحيط الذي ينسب لها غربـــــــا، والذي كان يسميه البعض بحر الظلمات باعتباره الحدود الغربية القصوى للعالم القديم، في أعين مؤسسي القيروان، من العرب الفاتحين.
والحنين يشحذ الذاكرة و يرقى بالواقع إلى سدة الخيال، ويفتح الباب للتأويل. فالحنين إلى الأصل أساس الإبداع…
و عندها وجدت أمينة نفسها مختزلة شوقـــــــــها للوطـــــــن الأول في تذكرها لما اختزنته من خبرة في الحياكة، أخذتها عن أمها زينب، مضيفة لها ضرورة التأويل، متناسية نُول أمها لتنسج على منوالها الشخصي سجادا فنيا معاصرا يتجاوز الصناعة الموروثة، بعد استبطانها الأكيد في عمق الذاكرة الخلاقة.
و ما تحكيـــــه لنا حياكـــــة أمينة، المختلفة عن حياكة أمها زينب، هو أن الحياكة أنواع. فيها ما يحاكي من خلاله الإنسان، بطريقة رمزية، فعل الخالق في خلقه؛ ومنها ما يكتفي بمحاكاة ما قد اكتمل شكلــــــه و تجلى للعيـــــــان، سواء بفعل خالـــــــق الأكـــــــوان أو بفعل مصــــــور رســـــــام. ونحن نضيف صفة الرسام إلى اسم المصور حتى لا نقع في الشرك بعدم التفريق بين موقع الرسام و هو الإنسان المبدع و مقام المصور الأوحد. و ارتأت أمينة أن ترسم اسمها نسجـــــــــا على بعض أعمالها مستعملة أحرف التفناغ، الموغلة في القدم و التي تكتب بها المرأة المغاربية اللغة الأمازيغيـــــــــــــــة بلهجاتهـــــا المختلفةـ الممتدة من تزنيــــــت إلى زنتــــــان.
Répondre