ممارسة الإنتهازية السياسية بين التجبب و التكستم
أثناء الحوار الذي أجرته معه القناة التاسعة أجاب الرئيس الباجي قايد السبسي عن سؤال الزميل سفيان بن فرحات حول الأسباب التي جعلته يتخذ من السيد محسن مرزوق وزيرا مستشارا سياسيا برئاسة الجمهورية بأن هذا الأخير كان تحمل مسؤولية ألإشراف على حملته الإلنتخابية التي تكللت بالنجاح . و السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن أن نأخذ مأخذ الجد الربط بين عملية الإشراف على حملة انتخابية تكللت بالنجاح و اعتبار هذا النجاح دليلا على الكفاءة السياسية التي على أساسها وقع تعيين المشرف على الحملة في منصب المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية. انا لا يممكنني أن أقبل بأن الباجي قايد السبسي و ما يتمتع به من خبرة سياسية لا يفرق بين اختصاصين مختلفين تماما و هما فن السياسة من جهة و تقنيات التواصل و الماركيتينڤ السياسي من جهة أخرى . و ظني أن الرئيس المؤسس لحزب الأغلبية النسبية التي أنتجتها ألإنتخابات التشريعية له من التجربة الإنسانية و السياسية الطويلة والمختلفة المراحل و الأجيال ما يمكنه من التعرف السريع على ما يمكن أن يستثمره من الكفاءات التي التفت حوله في إطار معركة تحرير البلاد من عملاء الإستعمار الجديد بالنسبة للبعض والتفعيل السياسي لمستحقات الثورة في بناء الديمقراطية بالنسبة لشق ثان و ملء الفراغ في فضاء السلطة الذي أحدثه سقوط نظام بن علي بالنسبة لمن كانت مساهمته استثمارا مباشرا متوسط الأمد يبتغى منه الربح السريع وهم كثر. و لم يكن في مقدور مؤسسي الحزب الجديد الاستغناء عن أي شق من هؤلاء .
و يحاول الباجي أن يكون مؤسسا للديمقراطية التونسية تتويجا و إكمالا لما أنجزه الشعب التونسي في فترة قيادة بورقيبة . و يشهد على ذلك قوله الصادق بأنه يخير أن تحافظ الجبهة الشعبية على وحدتها على أن تسانده في الإنتخابات الرئاسية و كذلك تصميمه العنيد على مساعدة النهضة على تحويل نفسها إلى حزب سياسي بعيدا عن التأقلم الانتهازي مع ألأحوال الطارئة الذي يمارسه قادتها إلى حد اليوم. مع الملاحظة و أن الإنتهازية ليست حكرا على النهضة. و الذين أراهم يتحدثون عن الدهاء السياسي لراشد الغنوشي مستشهدين بلبسه االكستوم الإفرنجي في فضاء ديني ( على طريقة الأتراك ) وإلى جانبه السيد محسن مرزوق و قد تجبب بالمناسبة متشبها ب » حامي الحمى و الدين » يخلطون بين الممارسة السياسية الناضجة و المتأنية و الانتهازية المفضوحة لكل من المتكستم و المتجبب على حد السوى .
Répondre