بقلم
الأستاذ خليـــــــــــل ڤويعــــــــــــه
جمعيّة هوارا للدّراسات والبحوث التراثيّة تبعث مهرجانا للفنون التشكيليّة، ينتظم في هذه الصّائفة، بمدينة الهواريّة. وهذا جميل. شعار المهرجان: « الفنون التشكيليّة في خدمة التّراث » وهذا قول لا يستقيم بمختلف الأعراف والمتون المعرفيّة والفلسفيّة التي تتعلّق بماهيّة الفن. كأن نقول أيضا « الفنّ في خدمة التراث والسّياحة » و »الفنّ في خدمة المكاسب الوطنيّة » وغير ذلك من المقولات اليوميّة (وهو ما تعنيه عبارة l’art, au service de )… إذ الفنّ لا يخدم سوى قيم الفنّ نفسها وليس شيئا آخر، حتى وإن كان تراثا فنيّا، ماديّا أو لا ماديّا. أمــّا محور قيم الفنّ هذه فهو الإنسان في دعمه لقيم الحبّ والحياة والوعي الخلاّق. والأجدر، في هذا الموضع، أن نقول: « التّراث في خدمة الفنون التّشكيليّة » وليس العكس. فكلّما كان التّراث في خدمة الفنّ، مَنهلا لقيمه ومغذيا لرؤيته، كانت خدمته لنفسه أكثر وأعمق، لا محالة، حيث يخرج عن صبغته المتحفيّة المغلقة ليكتب لمنجزاته الحضاريّة دورة حياة جديدة. وهكذا، إذا كانت لفظة « تراث » عنوانا بارزا ومهمّا في التّفكير المستقبلي والإستراتيجي والسّياسات الثقافيّة والمهرجانيّة… فإنّ خدمة الفنّ له على نحو ما بدا في هذا الشعار، يفيد خدمة الفنّ المباشرة للرّهانات والبرامج والسّياسات. وهذا خُلف ولا يستقيم، لأنّ طبيعة الفنّ لا تقبل بتوظيفه لصالح قيم تاريخيّة ورهانات متغيّرة. فهو نشاط منزّه عن المنفعة السياسيّة والإقتصاديّة (Désintéressé) إذا ما اعتمدنا لغة كانطيّة. وهو أكبر من السّياسات نفسها، بل العمل الفنّي الحقيقي « هو شيء فوق القانون »، بلغة بول كلي، من جهة أنّ القوانين جاءت بعد الفنّ وقد وُضعت لشكلنة قيم الفنّ وقيم إنسانيّة الإنسان وحيويّة الحياة وطبيعيّة الطبيعة ومدينيّة المدينة… فكيف للأصل أن يُكيّف نفسه لـ « خدمة » الفرع! إنّ الفنّ نشاط تلقائيّ، حرّ، لا يخضع للبرامج ولا تؤسّسه العناوين المهرجانيّة. ولن أفصّل أكثر. خليل قويعة
Répondre